الشيخ محمد الفحام
من جوامع الكلم النبوي || 332

من جوامع الكلم النبوي || 332

جُنَّةٌ لِلْعَبْدِ مِنَ النَّار

كُتبت منذ شهرين

شارك المقال عبر :

  عن أبي هريرةَ رضي اللهُ تعالى عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: 

«خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّار، قُولوا: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، فإنَّهُنَّ يأْتينَ يومَ القيامةِ مُقَدِّماتٍ، ومُعَقِّباتٍ، ومُجَنِّباتٍ، وهُنَّ الباقياتُ الصالحاتُ»

  | النسائي والحاكم بسند صحيح |  

·خُذوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّار؛ تَلَقَّوْا مِنِّي ما أُمِلي عَليكُمْ فَإِنَّ فيه فَلاحَكُمْ وفَوْزكُمْ وَوِقايَتَكم وحمايَتَكُمْ مِمَّا يَسوؤكُمُ -كَعَدُّوٍ وغيرِهِ- لِدينِكُمْ ودُنياكُمْ.

·قُولُوا: سُبْحانَ اللهِ؛ اجْعَلُوها ذِكْراً دائماً لِدوامِ وقايَتِكُمْ نُطْقاً باللِّسانِ، وفَهماً بالعقلِ وتَعَمُّقاً بالجَنان؛ أي: سَبِّحُوهُ بِتَدَبُّرٍ وتَعَقُّلٍ وشُهودٍ أنَّهُ جَلَّ جلالُهُ مُنَزَّهٌ عن النَّقائصِ ومَوْصوفٌ على الحَقيقةِ بِكُلِّ الكَمالاتِ الظاهرةِ في أسمائهِ الحُسنى وصِفاتُهُ العُلا

·والحمدُ لله؛ بدوامِ ذِكْرِ اللهِ بها ورداً مع التَّحَقُّقِ بمعناها أَنَّهُ حَمْدٌ للهِ على جميعِ النِّعمِ بِشُهودِ مَنْ نَتَعَبَّدُ بِذِكْرِهِ سُبحانَهُ حَمْداً وثَناءً على مَقامِ الشَّكور.

·ولا إله إلا الله؛ توحِيداً خالِصَاً -ذكراً وتَحَقُّقاً- وكَمالَ اعتقادٍ في أَنَّهُ سبحانَهُ واحِدٌ في ذاتِهِ واحِدٌ في صِفاتِِه واحِدٌ في أَفعالِهِ، وأَنَّهُ (فَعَّالٌ لِما يُريد)، وأَنَّهُ (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وهُمْ يُسْأَلُون)، وأنَّهُ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصِير)

·واللهُ أكبرُ؛ أُعَظِّمُهُ وأُجِلُّهُ بِما هو أَهلُهُ سبحانه، فَلَهُ الكِبْرياءُ جَلَّ جلالُه، وأَستقِيمُ على ذلك وِرْداً لا يَنْقَطِعُ؛ استظلالاً في ظِلِّ عَظَمَتِهِ وحِصْنِ كِبريائهِ مِنَ الهَوانِ الذي يَطالُ مَنْ يُعِّظُم أهلَ الدنيا لِدُنْياهُمْ، وأَهلَ الأهواءِ لأَهوائِهِمْ، أو يُعَظِّمُ مَنْ يُعظِّمُ لِغيرِ وَجْهِ اللهِ تعالى.

·فإنهن يأتين يوم القيامة مقدماتٍ ومُعقِّباتٍ ومُجَنِّباتٍ؛ تَتَقَدَّمُ بأَنوارِها وبهائِها وضِيائِها حُجَّةً لِصاحِبِها قائِلِها تَمْنَعُهُ مِنْ سُوءِ العاقِبَةِ بِفَضْلِ اللهِ تعالى الذي يُقابِلُ عبدَهُ على الإجلالِ والتقديرِ بأَجْزَلِ أَجْرٍ، وأَكرَمِ تَكْريم. وسُمِّيَتْ مُعَقِّباتٍ لأَنَّها عادَتْ مَرَّةً بعدَ أُخرى، وكُلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً، ثم عادَ إليه فَقَدْ عَقَّبَ ...                          

· وهُنَّ الباقِياتُ الصالحاتُ؛ الْمُشارُ إليْهِنَّ في القرآنِ الكريم قال تعالى: (ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيۡرٌ أَمَلاً) الكهف/٤٦

وخُذْ هذه البِشارَةَ النَّبَوِيَّة قارئي العزيز في الختام، فَعَنِ ابنْ أبي أَوْفَى رضي اللهُ تعالى عنه قال: قال أَعرابيٌّ: يا رسولَ اللهِ! إني قد عالَجْتُ القرآنَ-حاوَلْتُ حِفْظَهُ-، فَلَمْ أَسْتَطِعْهُ، فَعَلِّمْني شَيئاً يُجْزِئُ مِنَ القُرآنِ، قال: «قَلْ: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أَكبر»، فقالَها وأَمْسَكَها بأَصابِعِهِ، فقالَ يا رسولَ اللهِ: هذا لِرَبي فَما لي؟

قال صلى الله عليه وسلم: تقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحمْني وعافِني وارْزُقْني» وأَحْسَبُهُ قال: «واهْدِني»

ومَضَى الأَعرابيُّ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «ذَهَبَ الأَعرابيُّ وقَدْ مَلأَ يَدَيْهِ خَيراً» رواه ابنُ أبي الدنيا بِسَنَدٍ حَسَن، والبيهقيُّ مُخْتَصَراً، وزادَ فيه «ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله» وإسناده جيد اهــ ترغيب الحافظ المنذري