الشيخ محمد الفحام
من جوامع الكلم النبوي | 324

من جوامع الكلم النبوي | 324

الحُبُّ الإلهيُّ صُمَّامُ أَمانٍ لِلْمُحِبِّ

كُتبت منذ أسبوعين

شارك المقال عبر :

عن أنسِ بنِ مالِكٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال: رسولُ اللهِ ﷺ:

«واللهِ لا يُلِْقي اللهُ حبيبَهُ في النَّار» 

|الحاكم بسند صحيح|  

·  والله؛ يُقْسِمُ الرسولُ الأَكْرَمُ عليه الصلاة والسلام باللهِ مؤكِّداً، فَفِيهِ إِشارةٌ إلى اليَقينِ بالْمَحْلوفِ عليه لِلْعِلْمِ بأَنَّهُ لا يَنْطِقُ عن الهوى، فهو الصَّادِقُ الأَمينُ في أقوالِهِ وأَفعالِهِ، وتَقْراراتِهِ، وتوجيهاتِهِ الشريفة

 

     ·لا يُلْقِي اللهُ حَبِيبَهُ في النَّار؛ يَقِينٌ نَبَوِيٌّ بأَنَّ الْمُحِبَّ الصادِقَ لِمَوْلاهُ ذو خُصُوصِيَّةٍ عالِيَةٍ هي حِصْنُهُ الآمِنُ مِنَ العذاب، وذلك نَتَيجةً لِمُقَدِّمَةٍ كَريمةٍ صَوَّرَها البيانُ الإلهيُُ القائلُ سبحانه: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ منكم عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يأتي ٱللَّهُ بِقَوۡمٍ يحبٌّهم وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله وَلَا يَخَافُونَ لومة لَآئِمٍ ذَٰلِكَ فضلُ ٱللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ) المائدة/٥٤..   كل هذا لِلإِشارةِ إلى أَنَّ الإقبالَ على اللهِ تعالى في نِظامِ ما أَمَرَ ونَهَى مَدْخَلُ العِز به سبحانه، والقوةِ بِمَدَدِهِ والأَمْنِ في ظِلِّ حِفْظِهِ ورعايَتِهِ وعِنايَتِهِ، كُلُّ ذلِكَ بِكمالِ سَلامَةِ الْمُقَدِّماتِ والنَّتائجِ التي لا يُمْكِنُ تَصَوُّرُها إلا بِجَوْهَرِ الحُبِّ الخالِصِ الذي هو الْمَطْلَبُ الأَساسُ كَجَذْرٍ سليمٍ لِبناءِ سامِقٍ.

هذا؛ ولا يَفُوتَنَّكَ اللَّفْتُ الآسِرُ في قولِهِ : «حَبيبَهُ» أَنَّها الإضافَةُ على سِياقِ جماليَّةِ الحُبِّ لِتَشْرِيفِ الْمُحِبِّ بِمَحْبُوبِهِ، وفي ذلكَ مافيه مِنْ سُمُوِّ قَدْرِ المحبوبِ لِعَلَّامِ الغُيوب عَزَّ وَجَلَّ.

    ·سَبَبُ هذا القولِ النَّبَويِّ؛ قالَهُ لِمَا مَرَّ في نَفَرٍ مِنْ أَصحابِهِ وصَبيٌّ في الطريقِ، فَلَمَّا رأَتْ أُمَّهُ القومَ وخَشِيَتْ على وَلَدِها أَنْ يُوطَأَ، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وتقولُ ابني ابني،  فَأَخَذَتْهُ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! ما كانَتْ هذه لِتُلْقِيَ ولَدَها في النَّارِ فقال: «واللهِ لا يُلْقِي اللهُ حَبيبَهُ في النَّار»، فاللهم! اجْعَلْنا مِمَّنْ تُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَكَ، يا أكرمَ الأَكْرَمِين، يا أعظمَ مَنْ سُئِلَ، وأَجَلَّ مَنْ أَجاب. آمين آمين يا رب العالمين.