أنجع الدواء للشفاء
كُتبت منذ شهر
عن أبي أمامة رضي اللهُ تعالى عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ:
«داووا مرضاكم بالصدقة»
| أبو الشيخ في الثواب بسند حسن والبيهقي في سننه وغيرهما |
·داووا؛ عالجوا، فالمداواة هي المعالجة بنوع من أنواع الأدوية التي خلقها الشافي سبحانه وأذن بأن تكون سبباً للشفاء وغطاءَ حكمة للوصول إلى العافية بقدرته وإرادته سبحانه وتعالى كما في مسند الإمام أحمد وغيره بسند صحيح: «تَداوَوْا عِبادَ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ تعالى لَمْ يَضَعْ داءً إلَّا وَضَعَ لَهُ دَواءً غَيرَ داءٍ واحِدٍ: الهَرم»، وعليه؛ فالمداواة مَطْلَبٌ شَرْعِيٌّ يَنْبَغِي العَمَلُ به.
·مرضاكم؛ المرض هو الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وهو السقم الحسي الذي ينتج ضعفاً في الجسم ووهناً، وهو المقصود بقوله تعالى: (وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ).
· بالصدقة؛ قال الحافظ المناوي: الطب: نوعان جسماني وروحاني، فأرشد النبي ﷺ إلى الأول آنفا، وأشار الآن إلى الثاني، فأمر بمداواة المرضى بالصدقة ونبه بها على بقية أخواتها من القرب كإغاثة ملهوف، وإعانة مكروب، وقد جرب ذلك الموفقون، فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لاتفعله الأدوية الحسية، ولا ينكر ذلك إلا من كثف حجابه والنبي صلى الله عليه وسلم طبيب القلوب، فمن وجد عنده كمال استعداد إلى الإقبال على رب العباد أمره بالطب الروحاني أمره بالطب الروحاني ومن رآه على خلاف ذلك وصف له ما يليق من الأدوية الحسية. اهـــ
قلت: مما لا شك فيه عقيدةً أن لا تأثير للأشياء، ذلك أن المؤثر واحد وهو الواحد الأحد، وعليه فقد جعل النتائج من عنده بمستوى سلامة ذلك اعتقاد المتداوي فمنهم من يقف عند رابط المحسوس سبباً ومسبباً لا يحيد عنه فلا يقبل إلا تجرع الدواء المحسوس من عينات الدواء، ومنهم من علم حق اليقين أن المولى غيب تحفه في مطوي إيمان العبد، فكلما ازداد تسليماً ازداد اتحافاً، فالأول قد لايشفى إلا بالدواء المحسوس، وأما ذاك الأخير فقد لحظته العناية اللطائفية، فشفي بدعاء صالح، أو بصدقة، أو بأنوار التوجه إليه سبحانه فقابلته أنوار المواجهة، وكلها أسباب والمسبب الله تعالى.
من أجل ذلك كان فهم أهل الله تعالى للبلاء على مستوى شهودهم لقوله سبحانه: (فعال لما يريد) وما تداوينا بما أمر ودل على لسان من لا ينطق عن الهوى ﷺ إلا لأنه أمر فيتحقق فيهم بعنصر البلاء عين الرخاء بمقام التسليم رضى بما يصنع جل جلاله.