الشيخ محمد الفحام
من جوامع الكلم النبوي || 334

من جوامع الكلم النبوي || 334

من معاني الإيمان والاحتساب في رمضان

كُتبت منذ شهر

شارك المقال عبر :

 عن أبي هريرة رضي اللهُ تعالى عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: 

«مَنْ صامَ رمضانَ إيماناً واحتْسِاباً غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» 

                                                       وفي حديث قتيبة: «وما تأخَّر» | البخاري ومسلم وغيرهما |                                                        

·من صام رمضان؛ أيامه كلها بانتظام والتزام، وأدب في محراب العبودية للآمر رب الأنام سبحانه وتعالى، وتسليم لمراده وحكمته.

·إيماناً؛ تَصْديقاً بِفَرْضِيَّتِهِ، فهو: إمَّا مَفعولٌ لِأَجْلِهِ أي: صامَهُ إيماناً بِفَرْضِيَّتِهِ، أو حال أي: مُصَدِّقاً، أو مصدرٌ، أي: صَوْمُ مُؤْمِنٍ اهــ المناوي في فيض القدير.  

·واحْتِساباً؛ طَلَباً لِلْأَجْرِ والثَّوابِ مِنَ اللهِ لا مِنْ سِواهُ، وتَوَجُّهاً كُلِّيّاً إليه سبحانه وتعالى تحقيقاً لِلتوحيدِ الخالِصِ بالانْطواءِ الكامِلِ في رحابِ التَّقَلُّبِ بمقامِ التَّجَرُّدِ الْمُتَرْجِمِ شُهُودَ الآمِرِ جَلَّ وعَزَّ.

مِنْ جانِبٍ آخَرَ أَنَّ أَمْرَ باطِنِ الإثمِ غيرُ وارِدٍ في الصومِ لا سيَّما في رمضانَ، فإذا ظَهَرَ مِنَ الصائمِ كانَ هو الْمُعْضِلَةَ حيالَهُ لأَنَّهُ يَكْشِفُ بذا عن غَفْلَتِهِ الْمُطْلَقَةِ عن جوهرِ الأَمْرِ وفَضْلِ الْمُعْطِي وَوُسْعَةِ عطائه. وفي هذا ما فيه مِنْ ظُلُماتِ الشِّرْكِ الخَفِيِّ أَعاذَنا الله منها وعافانا من مزالقها.  

·غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ؛ ظاهِراً يَشْمَلُ كُلَّ ذَنْبٍ، لكنْ خَصَّهُ الجُمْهورُ بالصغائر ذلِكَ أنَّ الكبائرَ لا يَرْفَعُها إلَّا التَّوْبَةُ النَّصوحُ بشروطِها لا سيَّما الإقلاعُ عن الذَّنْبِ في الحالِ ومع هذا فَكَرَمُ اللهِ تعالى واسِعٌ وطَمَعُنا بمفرزاتِ المغفرةِ -التي معناها الستر- العَفْوُ الْمُطْلَقُ، (وَمَا ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) 

·ما في الحديث مِنَ الخير؛ فيه: فَضْلُ رمضانَ، وفَضْلُ صيامِهِ، ونَيْلُ المغفرةِ الواسِعةِ فيه، وأَنَّ الإيمانَ وهو التَّصديقُ، والاحتسابُ وهو الطَّواعِيَةُ شرطٌ لِنَيْلِ الثوابِ والمغفرةِ في رمضانَ، فَيَنْبَغِي الإتيانُ به بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ وطَوِيَّةٍ صافِيَةٍ امتثالاً لِأَمْرِهِ تعالى.